هذا ، وأما ما ذكره المنطقيون في القياس الاستثنائي من أن رفع المقدم في المتصلة لا يستلزم رفع التالي. فهو مبني على إرادتهم بها ما تتضمن مجرد اتصال نسبة الجزاء بنسبة الشرط ، ولذا تؤدي عندهم بقولنا : كلما كان كذا كان كذا ، مع أن (ما) في (كلما) مصدرية ظرفية متمحضة في الدلالة على الزمان ، ولذا صح منهم تقسيمها إلى اللزومية والاتفاقية ، وليس الملحوظ لهم المعنى اللغوي والعرفي لمفاد الأداة أو الهيئة ، كما أشرنا إليه عند الكلام في أدلة الشرطية على اللزوم ، فلا مجال للخروج بما ذكروه عما ذكرنا من التبادر.
بقي في المقام تنبيهات ..
التنبيه الأول : أشرنا في أول الفصل إلى أن المتيقن من محل الكلام الجملة المقترنة ب (إن) ونحوها ، وذلك لأن (إن) بسبب شيوع استعمالها اتضح مؤداها حتى صارت أظهر أدوات الشرط في إفادة الإناطة والتعليق المستلزمين للمفهوم.
ولكن الظاهر مشاركة كثير من أدوات الشرط لها ، سواء كانت جازمة للمضارع ك (من) و (ما) أم لا ك (إذا) ، كما يشهد به أو يؤيده النصوص المتقدمة.
ولا ينافي ذلك ما صرح به النحويون من أنّ (إذ) ظرف مضاف للجملة التي بعدها معمولة للجزاء. لأنه لو تم فتضمن (إذا) معنى الظرف لا ينافي إفادتها الإناطة أيضا.
نعم ، ما يقل استعماله في أعرافنا ك (أيان وحيثما وإذما ومتى ومهما) لا يتسنى لنا تحديد مفاده بالتبادر ، ليتضح ظهوره في المفهوم وعدمه.