خارجيا ولا اعتباريا ، فيصح عرفا أخذ الشارع لها في موضوع أحكامه ، وإذا كانت موضوعا للأحكام الشرعية أمكن التعبد بها بلحاظها.
إن قلت : لما لم يكن لها تقرر في عالم الخارج ولا الاعتبار ، وكانت متقومة باللحاظ من دون أن يكون لها مطابق وراء ذلك ، امتنع أخذها في موضوع الأحكام الشرعية التي تتبع في فعليتها فعلية موضوعاتها ، والتي لا إشكال في فعليتها مع عدم اللحاظ ، فلا بد من كون الموضوع حقيقة هو منشأ الانتزاع ، ويكون هو موضوع التعبد الظاهري إن تمّت فيه شروطه.
قلت : الامور الانتزاعية وإن لم يكن لها نحو من التقرر دقة إلّا أن لها نحوا من التقرر عرفا ، لغافلتهم عن مقتضى الدقة المذكورة ، وقد تقرر في محله أن المعيار في تطبيق أدلة الأحكام الواقعية والتعبدات الظاهرية ليس هو الدقة العقلية المغفول عنها عرفا ، بل النظر العرفي ، بحيث يكون التطبيق بنظرهم حقيقيا لا تسامحيا مجازيا ، فلاحظ.
وأمّا الثاني : فلأنها غير مجعولة شرعا حسب الفرض. نعم ، قد يصح نسبة جعلها للشارع الأقدس بلحاظ جعله لمنشا انتزاعها لو كان أمرا جعليا. لكنه ليس بمعنى كونه مفاد القضية الشرعية التي هي المعيار في شمول أدلة التعبّد الظاهري ، بل بمعنى كونه مسببا توليديا عنها ملازما في الخارج لها ، ومثل هذا لا يكفي في شمول أدلة التعبد ، بل هو نظير الأصل المثبت.
هذا كله في الأمر الانتزاعي المقابل للأمر الحقيقي والاعتباري ، وربما يراد بالأمر الانتزاعي أو العنوان الانتزاعي ما يحكم به أو عليه في كلام الشارع أو المتشرعة ، مع أنه ليس في الحقيقة محكوما به ومجعولا اعتبارا ، ولا محكوما عليه بما له من المفهوم.