المسألة الاولى : الظاهر أن الأحكام الوضعية التي اخذت في موضوع الأحكام الشرعية الاخرى : كالحرية ، والرقية ، والزوجية ، والرهنية ، والملكية ، والوقفية ، وغيرها من الامور الاعتبارية المجعولة للشارع الأقدس تأسيسا ، أو إمضاء لما عليه العرف ؛ لظهور أدلتها في ذلك ، ولا سيّما ما كان ثبوته تبعا لإنشائه ممن له السلطنة شرعا في العقود والإيقاعات ، لوضوح أن قصد المنشئ لها إيجادها اعتبارا ، فيكون ذلك هو الظاهر من أدلة النفوذ والإمضاء الشرعية ، وهو المطابق للمرتكزات المتشرعية ، بل العرفية في كثير منها.
خلافا لما ذكره شيخنا الأعظم (قدس سره) (١) قال : ـ في تعقيب حجة القول السابع من أقوال الاستصحاب ، عند الكلام في حقيقة الصحة والفساد ، بعد أن ذكر أنهما في المعاملات عبارة عن ترتب الأثر وعدمه ـ «فإن لوحظت المعاملة سببا لحكم تكليفي ، كالبيع لإباحة التصرفات والنكاح لإباحة الاستمتاعات ، فالكلام فيها يعرف مما سبق في السببية وأخواتها.
وإن لوحظت سببا لأمر آخر ، كسببية البيع للملكية ، والنكاح للزوجية والعتق للحرية ، وسببية الغسل للطهارة ، فهذه الامور بنفسها ليست أحكاما شرعية. نعم ، الحكم بثبوتها شرعي ، وحقائقها إمّا امور اعتبارية منتزعة من الأحكام التكليفية ، كما يقال : الملكية كون الشيء بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه ، والطهارة كون الشيء بحيث يجوز استعماله في الأكل والشرب ، والطهارة نقيض النجاسة. وإما امور واقعية كشف عنها الشارع».
ولا يخفى أن عدم كون هذه الامور أحكاما شرعية لا يناسب كون الحكم بثبوتها شرعيا ، إلا أن يراد بالحكم بثبوتها الإخبار عنه ، كما أن التعبير
__________________
(١) الشيخ مرتضى الأنصاري. (منه).