ومرجعها إلى كون الشيء بنحو صالح لأن يعتمد عليه في إحراز الواقع والبناء عليه في مقام العمل ، ويترتب عليها وجوب العمل بالحجة عقلا. لا أن المجعول للشارع هو وجوب العمل بالحجة ، أو جوازه طريقا للواقع الذي قامت عليه ، مع كون الحجية منتزعة من ذلك من دون أن تكون مجعولة بنفسها.
ويشهد لما ذكرنا المرتكزات العقلائية ، لارتكاز أن اعتماد العقلاء على الحجج التي عندهم في أعمالهم التابعة لأغراضهم الشخصية بعين ملاك اعتمادهم عليها في خروجهم عن تكاليفهم المولوية ، الشرعية أو العرفية ، مع وضوح عدم التكليف الطريقي في مورد الأغراض الشخصية. بل قد لا يحرز في مورد التكاليف العرفية ، كما لو احتمل غفلة المولى العرفي عن قيام الحجة على التكليف أو على موضوعه ، ليلزم بالعمل بها تبعا لما عليه العقلاء أو يردع عنها.
ويناسب ذلك التوقيع الشريف : «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله» (١) ، لظهوره في كون الحجية بنفسها وعنوانها من الامور المتقررة الثابتة ، كما هو الحال في سائر ما تضمن عنوان الحجية مما ورد في أهل البيت (عليهم السلام) وغيرهم ، وعبر عنها في الكتاب الشريف بالسلطان.
بل لو كان المراد بالرجوع لرواة الحديث تطبيق العمل على قولهم ، لا سؤالهم مقدمة لذلك ، كان التوقيع صريحا في ترتب وجوب العمل على الحجية ، لا انتزاعها منه.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ ، باب : ١١ من صفات القاضي من كتاب القضاء ، حديث : ٩.