الأتقياء بحق ، الذين اتقوا غضب الله بالبعد عن المعاصي ، الفائزون برضوان الله وثوابه في الدار الآخرة. والحق أن من عمل بهذه الآية فقد كمل إيمانه.
فقه الحياة أو الأحكام :
البر الجامع للخير : هو الذي اتصف صاحبه بالأوصاف المذكورة في هذه الآية ، لأن النبيصلىاللهعليهوسلم لما هاجر إلى المدينة ، وفرضت الفرائض ، وحوّلت القبلة إلى الكعبة ، وحدّت الحدود ، أنزل الله هذه الآية ، فقال تعالى : ليس البر كله أن تصلّوا ولا تعملوا غير ذلك ، ولكن البر أي ذا البر : من آمن بالله ، إلى آخرها.
قال العلماء : هذه آية عظيمة من أمهات الأحكام ، لأنها تضمنت ست عشرة قاعدة : الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته ، والنشر والحشر والميزان والصراط والحوض والشفاعة والجنة والنار ، والملائكة ، والكتب المنزلة وأنها حق من عند الله ، والنبيين ، وإنفاق المال في الأحوال الواجبة والمندوبة ، وإيصال القرابة وترك قطعهم ، وتفقد اليتيم ، وعدم إهماله ، والمساكين كذلك ، ومراعاة ابن السبيل (المنقطع به ، وقيل : الضيف) ، والسائلين ، وفك الرقاب ، والمحافظة على الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والوفاء بالعهود ، والصبر في الشدائد.
وللعلماء قولان في إعطاء اليتيم : قيل : لا يعطى حتى يكون فقيرا ، وقيل : يعطى بمجرد اليتم على وجه الصلة وإن كان غنيا.
وقوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ..) يحتمل أن يراد به الصدقة الواجبة (الزكاة) وأن يراد به التطوع ، قال الجصاص : وليس في الآية دلالة على أنها الواجبة ، وإنما فيها حث على الصدقة ووعد بالثواب عليها ، لأن أكثر ما فيها أنها من البر ، وهذا لفظ ينطوي على الفرض والنفل ، إلا أن في سياق الآية ما يدل على أنه لم يرد به الزكاة ، لقوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) فلما عطف