وقال مالك : إذا قتل الرجل ابنه متعمدا ، مثل أن يضجعه ، ويذبحه ، أو يصبره (يحبس ويرمى حتى يموت) مما لا عذر له فيه ، ولا شبهة في ادعاء الخطأ ، يقتل به. أما إذا رماه بالسلاح أو بالعصا بقصد التأديب ، أو في حالة غضب ، فقتله ، لا يقتل به ، لأن شبهة الأبوة قائمة شاهدة بعدم القصد إلى القتل.
٤ ـ قتل الجماعة بالواحد :
قال الظاهرية : لا تقتل الجماعة بالواحد ، لظاهر الآية ، التي شرطت المساواة والمماثلة ، ولا مساواة بين الواحد والجماعة ، لقوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة ٥ / ٤٥].
والجواب أن المراد بالقصاص في الآية قتل من قتل كائنا من كان ، ردا على العرب التي كانت تريد أن تقتل بمن قتل من لم يقتل ، وتقتل في مقابلة الواحد مائة ، افتخارا واستظهارا بالجاه والمقدرة ، فأمر الله سبحانه بالعدل والمساواة ، وذلك بأن يقتل من قتل.
وذهب أئمة المذاهب الأربعة : إلى أنه تقتل الجماعة بالواحد ، قلّت الجماعة أو كثرث ، سدا للذرائع ، فلو لم يقتلوا لما أمكن تطبيق القصاص أصلا ، إذ يتخذ الاشتراك في القتل سببا للتخلص من القصاص. وقد قتل عمر رضياللهعنه سبعة برجل بصنعاء ، وقال : «لو تمالأ عليه أهل صنعاء ، لقتلتهم به جميعا» وقتل علي رضياللهعنه الحرورية (الخوارج) بعبد الله بن خبّاب (١).
وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن ، لأكبهم الله في النار» وقال فيه : حديث غريب.
__________________
(١) خرّج الحديثين الدار قطني في سننه.