٥ ـ المماثلة في تطبيق القصاص (أداة القصاص):
للعلماء اتجاهان في كيفية استيفاء القصاص ، فذهب مالك والشافعي إلى أن آية : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) يقتضي المماثلة في كيفية القتل ، فيقتص من القاتل على الصفة التي قتل بها ، فمن قتل تغريقا ، قتل تغريقا. ومن قتل بحجر قتل به ، بدليل حديث أنس الذي رواه الشيخان (البخاري ومسلم) أن النّبي صلىاللهعليهوسلم «رضّ رأس يهودي بين حجرين ، كان قد قتل بهما جارية من الأنصار».
وذهب الحنفية ، والحنابلة في الأصح عندهم إلى أن المطلوب بالقصاص إتلاف نفس بنفس ، والآية لا تقتضي أكثر من ذلك ، فعلى أي وجه قتله ، لم يقتل إلا بالسيف ، لحديث النعمان بن بشير الذي رواه ابن ماجه والبيهقي والدار قطني أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «لا قود إلا بالسيف» ، ولحديث عمران بن حصين وغيره أن النّبي صلىاللهعليهوسلم «نهى عن المثلة» وحديث شداد بن أوس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ـ فيما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن ـ : «إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة» فأوجب عموم لفظه على من رغب في القصاص أن يقتل الجاني بأحسن وجوه القتل.
٦ ـ أخذ الدية من قاتل العمد :
هناك نظريتان ، فذهب مالك في رواية أشهب والشافعي وأحمد : إلى أن ولي المقتول بالخيار إن شاء اقتص ، وإن شاء أخذ الدية ، وإن لم يرض القاتل ، لحديث أبي شريح الخزاعي عام الفتح الذي رواه أحمد عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قتل له قتيل ، فله أن يقتل أو يعفوا أو يأخذ الدية» ولأن فرضا على القاتل إحياء نفسه ، بقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ). وعلى هذا يكون موجب القتل العمد أحد أمرين : إما القصاص ، وإما العفو إلى الدية ، فأيهما اختار الولي ، أجبر الجاني عليه.