وذهب أبو حنيفة ، ومالك في رواية ابن القاسم ، وهو المشهور عنه : إلى أنه ليس لولي المقتول إلا القصاص ، ولا يأخذ الدية إلا إذا رضي القاتل ، إذ ليس في الآية سوى إباحة العفو أي العطاء ، أي فمن أعطي له من أخيه شيء من المال ، فليتبعه بالمعروف ، وليؤد إليه الجاني ، وليس فيها ما يدل على إلزام القاتل بالدية إذا رضيها الولي. واحتجوا بحديث أنس في قصة الرّبيّع (١) حين كسرت ثنية المرأة ، فلما حكم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بالقصاص ، وقال : «القصاص : كتاب الله ، القصاص : كتاب الله» ولم يخير المجني عليه بين القصاص والدية ، ثبت أن الذي يجب بكتاب الله وسنة رسوله في العمد هو القصاص.
قال القرطبي : والأول ـ أي الاتجاه الأول ـ أصح ، لحديث أبي شريح المذكور.
٧ ـ هل للنساء عفو؟
ذهبت طائفة من السلف إلى أنه ليس للنساء عفو ، منهم الحسن البصري وقتادة والزهري وابن شبرمة والليث والأوزاعي. وخالفهم بقية العلماء ، وقالوا : يجوز للنساء العفو عن القصاص.
٨ ـ هل الاتباع بالمعروف والأداء واجب أو مندوب؟
إن آية (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) حض من الله تعالى على حسن الاقتضاء من الطالب ، وحسن القضاء من المؤدي ، وقراءة الرفع (فَاتِّباعٌ) تدل على الوجوب ، لأن المعنى : فعليه اتباع بالمعروف. قال النحاس : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) شرط ، والجواب : (فَاتِّباعٌ) وهو رفع بالابتداء ، والتقدير : فعليه اتباع بالمعروف. مثل قوله تعالى: (فَإِمْساكٌ
__________________
(١) هي عمة أنس بن مالك ، والحديث رواه الأئمة.