لأنهم أجازوا شيئا لم يملكوه في ذلك الوقت ، وإنما يملك المال بعد وفاته ، فقد أجاز من لا حق له في المال ، فلا يلزمه شيء.
ج ـ وفرق مالك فقال : إذا أذنوا في صحة الموصي ، فلهم أن يرجعوا ، وإن أذنوا له في مرضه حين يحجب عن ماله ، فذلك جائز عليهم ، لأن الرجل إذا كان صحيحا فهو أحق بماله كله يصنع فيه ما شاء ، فإذا أذنوا له في صحته ، فقد تركوا شيئا لم يجب لهم ، وإن أذنوا له في مرضه ، فقد تركوا ما وجب لهم من الحق ، فليس لهم أن يرجعوا فيه إذا كان قد أنفذه ، لأنه قد فات.
٧ ـ وصية الصبي المميز والسفيه والمجنون :
لا خلاف في صحة وصية البالغ العاقل غير المحجور عليه ، واختلف في غيره : فقال مالك : الأمر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به ، وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ، ولم يأت بمنكر من القول (أي لم يوص بمعصية) فوصيته جائزة ، لأن عمر بن الخطابرضياللهعنه أجاز وصية صبي من غسان بلغ من العمر عشر سنين (مميز) كان قد أوصى لأخوال له ، فرفع أمره إلى عمر ، فأجازها. أي أن المالكية ومثلهم الحنابلة أجازوا وصية المميز وهو ابن عشر سنين فأقل مما يقاربها.
وقال الحنفية والشافعية : لا تجوز وصية الصبي ، لأن عبارته قبل البلوغ غير معتبرة في التبرع. واستثنى الحنفية وصيته في أمور تجهيزه ودفنه على سبيل الاستحسان مع اشتراط تحقق المصلحة في ذلك ، وهو أيضا واجب.
واتفق أئمة المذاهب الأربعة على القول بصحة وصية السفيه : وهو الذي لا يحسن تدبير المال ، وينفقه على خلاف مقتضى الحكمة والشرع.