ولم يجيزوا وصية المجنون والمعتوه والمغمى عليه ، لأن عبارتهم ملغاة لا يتعلق بها حكم. وأجاز الحنفية وصية المجنون إذا كان جنونه غير مطبق ، أما إذا كان مطبقا بأن استمر بصاحبه دون إفاقة مدة شهر فأكثر فتبطل وصيته.
٨ ـ تبديل الوصية :
من سمع الوصية من الموصي أو سمعه ممن ثبت به عنده ، وذلك عدلان ، ثم بدله ، فإثمه على المبدل ، ويخرج الموصي بالوصية عن اللوم ، ويتوجه إلى الوارث أو الولي. وهذا يدل كما قال بعض علماء المالكية : على أن الدّين إذا أوصى به الميت ، خرج عن ذمته ، وصار الولي مطلوبا به ، له الأجر في قضائه ، وعليه الوزر في تأخيره ، وهذا إنما يصح إذا كان الميت لم يفرّط في أدائه ، وأما إذا قدر عليه وتركه ، ثم وصّى به فإنه لا يزيله عن ذمته تفريط الولي فيه (١).
٩ ـ الوصية بمعصية :
لا خلاف في أنه إذا أوصى الموصي بما لا يجوز ، مثل أن يوصي بخمر أو خنزير أو شيء من المعاصي أنه يجوز تبديله ولا يجوز إمضاؤه ، كما لا يجوز إمضاء ما زاد على الثلث.
١٠ ـ الإصلاح والحكم بالظن :
معنى آية (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً ..) من علم أو رأى واطلع بعد موت الموصي أن الموصي جنف وتعمد أذية بعض ورثته ، فأصلح ما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق ، فلا يلحقه إثم المبدل المذكور قبل ، لأن فعله تبديل لمصلحة ، والتبديل الذي فيه الإثم إنما هو تبديل الهوى.
وفي هذه الآية دليل على الحكم بالظن ، لأنه إذا ظن قصد الفساد وجب
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ١ / ٧٣ ، تفسير القرطبي : ٢ / ٢٦٩