تذكروا عظمته وكبرياءه وحكمته في إصلاح عباده ، وأنه يربيهم بما يشاء من الأحكام ، ويؤدبهم بما يختار من التكاليف.
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على هذه النعم كلها ، وإعطاء كل من العزيمة والرخصة حقها.
سبب نزول الآية (١٨٤):
أخرج ابن سعد في طبقاته عن مجاهد قال : هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ : فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) فأفطر ، وأطعم لكل يوم مسكينا.
التفسير والبيان :
تستمر الآيات بعد بيان القصاص والوصية في سرد الأحكام الشرعية ، فلا حاجة لمعرفة المناسبة بين كل حكم وما يليه.
فالله فرض عليكم الصيام ، كما فرض على المؤمنين أتباع الملل الأخرى من لدن آدمعليهالسلام ، وناداهم بوصف الإيمان المقتضي للامتثال ، وأبان أن الصوم فرض على جميع الناس ، ترغيبا فيه ، وتوضيحا أن الأمور الشاقة إذا عمّت ، سهل تحملّها ، وشعر المؤدون لها بالراحة والطمأنينة ، لقيامها على الحق والعدل والمساواة.
ثم إن الصوم مطهرة للنفس ، ومرضاة للرّب ، ويعدّ النفوس لتقوى الله في السرّ والعلن ، ويربي الإرادة ، ويعلم الصبر وتحمل المشاق وضبط النفس عند المكاره ، وترك الشهوات ، لذا قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «الصوم نصف الصبر».
وإعداد الصوم للتقوى يحدث من نواح مختلفة أهمها ما يأتي :
١ ـ يربي في النفس الخشية من الله تعالى في السرّ والعلن : إذ لا رقيب على الصائم إلا ربه ، فإذا شعر بالجوع أو بالعطش الشديد ، وشمّ رائحة الطعام