وسائله ووساوسه التي يزخرفها أو يزينها للناس ، يسوّل لهم المنافع والمصالح. ويصرف الشخص عن الحق والهداية ، ويفرق بين الجماعة ، كما حدث من أهل الكتاب الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ، وحرفوا وبدلوا ، ونقصوا وزادوا ، فتمزقت وحدتهم ، وسلّط الله عليهم الأعداء.
والسبب في تحذيرنا من اتباع خطوات الشيطان : أنه العدو اللدود الظاهر العداوة ، فإن جميع ما يدعو إليه هو الضلال والباطل بعينه.
ثم توعد الله من حاد عن جادة الاستقامة ، فأعلمهم أنكم إن ملتم عن الحق ، وابتعدتم عن صراط الله وهو الإسلام ، بعد ما جاءتكم الآيات الواضحات والحجج البينات القاطعات ، وسرتم في طريق الشيطان ، طريق الخلاف والنزاع والتفريق ، فإن الله عزيز لا يغلب ، أو غالب على أمره ، لا يعجزه الانتقام منكم ، حكيم في صنعه ، لا يهمل المذنب ، وإنما يعاقبه ويؤاخذه في الدنيا والآخرة.
وهكذا الحكم في كل الأفراد ، إذا لم يلتزموا طريق الاستقامة ، ولم يتحصنوا بدرع متين من الأخلاق ، وأهملوا شرع الله كله أو بعضه ، فلن يوفقوا في الدنيا ولا في الآخرة.
ثم زاد في التهديد والوعيد ، فأورد هذا الاستفهام : ما ينتظر هؤلاء المكذبون دعوة محمدصلىاللهعليهوسلم بعد إثباتها بالأدلة والبراهين الساطعة ، وأولئك الخارجون عن أمر الله إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم به من العذاب في ظلل من الغمام (السحاب) حيث ينتظرون الخير ، تنكيلا بهم ، وتأتيهم الملائكة وتنفذ ما قدره الله وأراده لهم ، وهو أمر قضاه الله وأبرمه ، فلا مفرّ منه ، والمرجع في كل الأمور في النهاية إلى الله يوم القيامة ، فيضع كل شيء في موضعه الذي قضاه ، فهو الأول مبدئ الخلائق ، وهو الآخر تصير إليه الأمور.