سعادة الدارين ، فمن أهملها أو فرط بها حرم النعمة الجليلة التي أنعم الله بها على سلف هذه الأمة ، من السيادة والعزة. وإن الجنة لا تنال بغير ثمن ، ولا تفيد الأماني شيئا ، وما على المسلم إلا أن يكون مقدرا لدوره ورسالته في الحياة ، فلا يكفيه مجرد الإيمان القلبي ، وإنما لا بدّ له من أعمال جسام ، وتضحيات عظام ، ومجاهدة نفس حتى يهذبها ويصلح عيوبها ، وتعاون على البرّ والتقوى ، وهجر لزينة الدنيا والافتتان بها ، وعمل خالص للآخرة ، وإرضاء لله وحده ، دون أن يشوبه شائبة رياء أو سمعة أو شهرة زائفة.
وإذا أعيد تكوين المسلم على طراز تربية السلف الصالح ، أمكن تحقيق العزة الإسلامية المنشودة ، والنصر المرجو على الأعداء ، بعد استكمال وسائل القوة اللازمة المكافئة لقوى العدو ، والتخطيط لبناء الأمة ، ووضع أسس النهضة والتقدم موضع التنفيذ الفعلي بكل حزم وإصرار وإخلاص.
مقدار نفقة التطوع ومصرفها
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))
الإعراب :
(ما ذا) ما : مبتدأ ، وذا : الخبر ، وهو بمعنى الذي. (ما أَنْفَقْتُمْ) ما : في موضع نصب بأنفقتم وكذا وما تنفقوا وهو شرط ، والجواب : فللوالدين. وكذا : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) شرط ، وجوابه : (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ).
المفردات اللغوية :
(مِنْ خَيْرٍ) من مال كثير طيب ، وسمي به لأن حقه أن ينفق في وجوه الخير ، وهو شامل