(الْعَفْوَ) : الفضل والزيادة عن الحاجة التي يحتاجها الإنسان هو ومن يعوله ، فلا ينفق ما يحتاج إليه ويضيع نفسه.
سبب النزول :
نزلت آية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ...) في عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : أفتنا في الخمر والميسر ، فإنهما مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وروى أحمد عن أبي هريرة قال : «قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وهم يشربون الخمر ، ويأكلون الميسر ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنهما ، فنزلت الآية ، فقال الناس : ما حرّم علينا ، إنما قال : إثم كبير ، وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوم ، صلى رجل من المهاجرين ، وأمّ الناس في المغرب ، فخلّط في قراءته ، فأنزل الله آية أغلظ منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ، حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النساء ٤ / ٤٣]. ثم نزلت آية أغلظ من ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة ٥ / ٩٠] إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قالوا : انتهينا ربّنا».
من هذه الرواية وغيرها يتبين أن تحريم الخمر مرّ في أربع مراحل تدرج فيها التشريع لينقل الناس من الأخف إلى الأشد تدريجيا ، وتلك سياسة تربوية ناجحة ، فلو قيل لهم دفعة واحدة : لا تشربوا الخمر ، لقالوا جميعا : لا ندع الخمر ، فنزل في الخمر أربع آيات في مكة ، لمعالجة الإدمان على الخمر ، وتخليص الناس من هذا الداء العضال :
الأولى ـ (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ١٥٦