والعفو : ما سهل وتيسر وفضل ، ولم يشق على القلب إخراجه ، ويكون المعنى : أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ، ولم تؤذوا فيه أنفسكم ، فتكونوا عالة.
وأما حكمة إطلاق الأمر بالنفقة في مبدأ الإسلام : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) [البقرة ٢ / ١٩٥] فلأن المسلمين كانوا في الماضي فئة قليلة تحتاج إلى التضامن والتعاون فيما بينها لتحقيق المصلحة العامة ، ولأن الإنفاق ينبغي فيه أن يحقق الكفاية ، سواء كان لإغناء الفقراء ، أو لصد الأعداء. فلما كثر المسلمون ، وتحقق ما يكفي الصالح العام ، ظهرت الحاجة إلى تقييد الإنفاق ، لذا سأل المسلمون : ماذا ينفقون؟ فأجيبوا بأنهم ينفقون الفضل والزيادة عن حاجة من يعولونهم.
وأرشد قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) وما تلاه بعدئذ : (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) في الآية التالية إلى ضرورة استخدام الفكر ، وتنمية دائرة التفكير ، واستعمال العقل في مصالح الدارين معا. لذا قال علماؤنا : إن تعلم ما تحتاج إليه الأمة في معايشها من الفنون والصناعة والزراعة والتجارة وشؤون الحرب والدفاع من الفروض الدينية الكفائية ، إذا أهملها الكل أثموا.
الولاية على مال اليتيم
(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠))
الإعراب :
(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) جار ومجرور في موضع نصب ، متعلق إما بفعل : (تَتَفَكَّرُونَ) في الآية السابقة أو بفعل : (يُبَيِّنُ) ، وتقدير : يبين الله لكم الآيات في الدنيا والآخرة ، لعلكم