تتفكرون (إِصْلاحٌ) مبتدأ ، وهو نكرة ساغ الابتداء به لتقييده بالمجرور الذي هو : (لَهُمْ) ، و (خَيْرٌ) : خبر إصلاح.
(وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) الألف واللام فيهما للجنس ، لا للمعهود ، أي يعلم هذين الصنفين ، كقولهم : الرجل خير من المرأة ، أي جنس الرجال خير من جنس النساء.
البلاغة :
(وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) فيه التفات من غيبة إلى خطاب لأن قبله : (وَيَسْئَلُونَكَ) والحكمة من الالتفات : أن يتهيأ المخاطب لسماع ما يلقى إليه وقبوله والتحرز فيه.
(الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) فيه من علم البديع ما يسمى : الطباق.
المفردات اللغوية :
(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي في أمر الدنيا والآخرة ، فتأخذوا بالأصلح لكم فيهما ، والجار والمجرور متعلق بفعل : (تَتَفَكَّرُونَ) في الآية السابقة ، أي تتفكرون فيما يتعلق بالدارين ، فتأخذون بما هو أصلح لكم.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) أي عن الإشراف على اليتامى وكفالتهم وما يلقونه من الحرج في شأنهم ، فإن واكلوهم أثموا ، وإن عزلوا ما لهم عن أموالهم وصنعوا لهم طعاما وحدهم ، فحرج. واليتيم : من فقد أباه (قُلْ : إِصْلاحٌ لَهُمْ) في أموالهم بتنميتها خير من ترك ذلك.
(وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) تخلطوا أموالكم بأموالهم (لَأَعْنَتَكُمْ) لضيق عليكم بتحريم المخالطة ، والعنت : المشقة والإحراج (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب على أمره. (حَكِيمٌ) في صنعه.
سبب النزول :
أخرج أبو داود والنسائي والحاكم وغيرهم عن ابن عباس قال : لما نزلت : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الأنعام ٦ / ١٥٢] و (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى) الآية [النساء ٤ / ١٠] ، انطلق من كان عنده يتيم ، فعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل له الشيء من طعامه ،