فيحبس له حتى يأكله أو يفسد ، فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) الآية.
قال الضحاك والسدي : سبب نزولها أنهم كانوا في الجاهلية يتحرجون من مخالطة اليتامى في مأكل ومشرب وغيرهما.
المناسبة :
الحكمة في وصل السؤال عن اليتامى بالسؤال عن الإنفاق والسؤال عن الخمر والميسر : هي التذكير بطائفة من الناس هي أحق بالإنفاق عليها لإصلاحها وتربيتها ، وهي جماعة اليتامى ، فينفق عليها من العفو الزائد عن الحاجة.
التفسير والبيان :
ويسألونك عن مخالطة اليتامى والقيام بأمرهم ، هل يخالطونهم أو يجعلون أموالهم مستقلة؟ فأجابهم تعالى : قصد إصلاح أموالهم بالتنمية والحفظ خير من اعتزالهم ، فإن كان في مخالطتهم إصلاح لهم ومنفعة ، فذلك خير ، فهم إخوانكم في الدين والنسب ، والأخ يخالط أخاه ويداخله ولا حرج في ذلك ، وإن كان في عزل بعض أموالهم كالنقود إصلاح لأموالهم ، فهو خير ، فعليكم أن تراعوا المصلحة فيهم ، وأن تحسنوا النظر في أموالهم.
فكانت هذه الآية إذنا في المخالطة مع صحة القصد ، لا أن يقصد الولي نفع نفسه بهذه الخلطة ويضر اليتيم ، ولا يقبل أن تكون مخالطتهم ذريعة إلى أكل أموالهم بغير حق ، فالله سبحانه يعلم المحسن والمسيء وكل ما تضمره النفوس. وجملة : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) معناها التحذير ، أخبر تعالى فيها أنه عالم بالذي يفسد من الذي يصلح ، والمعنى : أنه يجازي كلا منهما على الوصف الذي قام به ، وكثيرا ما ينسب العلم إلى الله تعالى على سبيل التحذير.