كالأرض التي تستنبت ، شبهت بها النساء ، لأنها منبت للولد ، كالأرض للنبات (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي جامعوا في القبل ، كيف شئتم من قيام وقعود ، واضطجاع وإقبال وإدبار ، ونزل ردا لقول اليهود : من أتى امرأته في قبلها من جهة دبرها ، جاء الولد أحول. (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) العمل الصالح ، كالتسمية قبل الجماع (وَاتَّقُوا اللهَ) في أمره ونهيه (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) بالبعث ، فيجازيكم بأعمالكم (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) الذي اتقوه بالجنة.
سبب النزول :
نزول الآية (٢٢٢):
روى مسلم والترمذي عن أنس بن مالك أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم ، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسأل الأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فأنزل الله عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) الآية ، فقال : «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
نزول الآية (٢٢٣):
روى الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر قال : كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها ـ أي يأتي امرأته من ناحية دبرها في قبلها ـ : إن الولد يكون أحول ، فنزلت : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ..) الآية (١).
وقال مجاهد : كانوا يتجنبون النساء في الحيض ، ويأتونهن في أدبارهن مدة زمن الحيض ، فنزلت. وروى الحاكم عن ابن عباس قال : إن هذا الحي من قريش كانوا يتزوجون النساء ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذلك وقلن : هذا شيء لم نكن نؤتى عليه ، فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى في ذلك : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الآية.
__________________
(١) زاد في رواية الزهري : «إن شاء مجبّية ، وإن شاء غير مجبّية ، غير إن ذلك في صمام واحد» والمجبية : المنكبة على وجهها كهيئة السجود