التفسير والبيان :
هذا ثالث الأسئلة التي جاءت معطوفة بالواو ، لاتصالها بما قبلها وما بعدها ، وقد سئل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حكم الحيض ، لأن اليهود كانوا يقولون : إن كل من مسّ الحائض في أيام طمثها ، يكون نجسا ، وكانوا يتشددون في معاملة الحائض ، فيعتزلونها في الأكل والشرب والنوم ، كما بينا ، وكانت النصارى تتهاون في أمور الحيض ، فلا تفرق بين الحيض وغيره ، وكانت العرب في الجاهلية كاليهود والمجوس لا يساكنون الحائض ، ولا يؤاكلونها ، فصارت هذه الأحوال مدعاة للتساؤل عن حكم مخالطة النساء زمن الحيض ، فأجابهم تعالى:
إن الحيض ضرر وأذى ، يضر الرجل والمرأة على السواء ، فامتنعوا من جماع النساء في مدة الحيض ، ولا حرج في غير الجماع من التقبيل والمفاخذة مثلا ، في رأي الحنابلة ، للحديث المتقدم الذي رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن : «اصنعوا كل شيء إلا الجماع»(١).
وحرم الجمهور الاستمتاع بما بين السرة والركبة ، لما روى أبو داود عن حزام بن حكيم عن عمه أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض؟ قال : «لك ما فوق الإزار» أي ما فوق السرة ، ولأن الاستمتاع بما دون الإزار يدعو إلى الجماع.
وأيّد الطب اتجاه الشرع ، فأثبت الأطباء أن الوقاع في أثناء الحيض يحدث آلاما والتهابات حادة في أعضاء التناسل لدى الأنثى ، كما أن تسرب الدم في فوهة عضو الرجل قد يحدث التهابا صديديا يشبه السيلان ، وقد يصاب الرجل بالزهري إذا كانت المرأة مصابة به ، وقد يؤدي الجماع إلى عقم كل من الرجل والمرأة.
ولا تقربوهن حتى يطهرن من الحيض ، فإذا تطهرن بالاغتسال بالماء
__________________
(١) وفي رواية : «إلا النكاح» وفي رواية «إلا الفرج»