البلاغة :
هناك جناس الاشتقاق بين (أَرْسَلْنا) و (رَسُولاً).
وهناك إطناب بذكر العام بعد الخاص لإفادة الشمول ، وهو قوله : (وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) بعد قوله : (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
المفردات اللغوية :
(وِجْهَةٌ) قبلة. (هُوَ مُوَلِّيها) أي يولّي وجهه في صلاته. (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) بادروا إلى الطاعات وقبولها. (يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يجمعكم يوم القيامة ، فيجازيكم بأعمالكم.
(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ) اليهود أو المشركين. (حُجَّةٌ) أي مجادلة في التولي إلى غيره ، أي لتنتفي مجادلتهم لكم من قول اليهود : يجحد ديننا ويتبع قبلتنا ، وقول المشركين : يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته. (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) بالعناد ، فإنهم يقولون : ما تحول إليها إلا ميلا إلى دين آبائه ، والاستثناء متصل ، والمعنى : لا يكون لأحد عليكم كلام إلا كلام هؤلاء. (فَلا تَخْشَوْهُمْ) تخافوا جدالهم في التولي إليها. (وَاخْشَوْنِي) بامتثال أمري. (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) بالهداية إلى معالم دينكم.
(كَما أَرْسَلْنا) متعلق ب (أتم) أي إتماما كإتمامها بإرسالنا. (يُزَكِّيكُمْ) يطهركم من الشرك. (الْكِتابَ) القرآن. (وَالْحِكْمَةَ) العلم النافع ، وما في القرآن من الأحكام ، وقال بعضهم : الحكمة : السنة النّبوية.
هذا .. وإن تكرار الأمر باستقبال الكعبة ثلاث مرات [في الآية (١٤٩) لأول مرة ، وفي الآية (١٥٠) مرتين] : لتأكيد الأمر بتحويل القبلة في صور مختلفة ، وقال القرطبي : الحكمة في هذا التكرار أن الأول : (فَوَلِّ وَجْهَكَ) لمن عاينها وهو في مكة إذا صلّى تلقاءها ، والثاني : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) لمن هو ببقية الأمصار وسائر المساجد بالمدينة وغيرها ، والثالث : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) لمن خرج في الأسفار ، فكان هذا أمرا بالتوجه إلى الكعبة في جميع المواضع من نواحي الأرض (١).
المناسبة :
لما ذكر القبلة التي أمر المسلمين بالتوجه إليها وهي الكعبة ، وذكر من تصميم أهل الكتاب على عدم اتباعها ، أعلم أن ذلك هو بفعله ، وأنه هو المقدر له ، وأنه
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ١٦٨