ـ والطهر : انقطاع دم الحيض ، والتطهر : الاغتسال ـ فجامعوهن في المكان الذي أمركم الله وأذن به : وهو القبل ، لأنه موضع النسل ، إن الله يحب الذين يتوبون من المعاصي ، كإتيان النساء في المحيض أو في أدبارهن ، ونحو ذلك مما يصادم الفطرة والطبع السليم ، ويحب الذين يتطهرون من رجس الفاحشة أو المعصية ، ومن كل دنس مادي كالحيض والنفاس. ومحبة الله : إرادته ثواب العبد. والتوبة : هي رجوع العبد عن حالة المعصية. وكنى بالإتيان عن الوطء.
نساؤكم الطاهرات من الحيض مواضع حرثكم وإنجاب نسلكم ، فالنطفة كالبذرة في الأرض ، ولا يحل إتيان النساء في زمن الحيض ، حيث لا استعداد لقبول الزرع ، ولا في الدبر ، لأنه غير محل الإنجاب ، ويؤدي إلى ضرر واضح ظهر حديثا : وهو إفساد الدم والموت.
وهذه الآية تعد شارحة للآية السابقة ، ومبّينة وجه الحكمة التي من أجلها شرع الاستمتاع : وهو حفظ النوع البشري بالاستيلاد.
فأتوا حرثكم بلا حرج بأي كيفية شئتم ، قائمة وقاعدة ومضطجعة ومقبلة ومدبرة ، ما دام المأتى واحدا وهو في القبل الذي هو موضع الحرث ، كما تأتون أراضيكم التي تريدون أن تحرثوها من أي جهة شئتم ، فلا تحظر عليكم جهة من الجهات. وكذلك تفيد الآية إباحة إتيان النساء بالنكاح لا بالسفاح ، وفي الوقت المأذون به شرعا ، لا محرمات ، ولا صائمات ، ولا معتكفات.
وقدموا لأنفسكم الخير وصالح الأعمال (١) عدة لكم يوم الحساب ، واتقوا الله واحذروا معاصيه ، فلا تقربوها ، وحدوده فلا تضيعوها ، ولا تريقوا ماء الحياة في الحيض أو في غير موضع الحرث ، واختاروا المرأة المتدينة ، وأعرضوا عن سيئة
__________________
(١) وقيل : ابتغاء الولد والنسل ، لأن الولد خير الدنيا والآخرة ، فقد يكون شفيعا وجنّة.
وقيل : هو التزوج بالعفائف ، ليكون الولد صالحا طاهرا.