الإعراب :
(يَتَرَبَّصْنَ) خبر بمعنى الأمر ، أي ليتربصن ، وجاز ذلك لأن المعنى مفهوم. (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) نصب (ثَلاثَةَ) على أنه مفعول به ، أو ظرف أي يتربصن مدة ثلاثة قروء. و (قُرُوءٍ) جمع كثرة ، وأقراء جمع قلة ، وإضافة العدد القليل وهو من الثلاثة إلى العشرة ، إلى جمع القلة أولى من إضافته إلى جمع الكثرة ، والسبب في مجيء المميز على جمع الكثرة دون القلة التي هي الأقراء : هو أن العرب يتسعون في ذلك ، فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر ، لاشتراكهما في الجمع ، ألا ترى إلى قوله : (بِأَنْفُسِهِنَ) ، وما هي إلا نفوس كثيرة ، ولعل القروء كانت أكثر استعمالا في جمع قرء من الأقراء ، فأوثر عليه ، تنزيلا لقليل الاستعمال منزلة المهمل. وفي ذكر الأنفس : تهييج لهن على التربّص ، وزيادة بعث ، لأن فيه ما يستنكف منه ، فيحملهن على أن يتربص ، لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال ، فأمرن بقمع أنفسهن وجبرها على التربّص (الكشاف : ١ / ٢٧٧).
(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ مِثْلُ) : مبتدأ ، و (لَهُنَ) خبره ، و (عَلَيْهِنَ): صلة (الَّذِي) ، ويتعلق بفعل مقدر : وهو الذي استقر عليهن. و (بِالْمَعْرُوفِ) : متعلق بلهن ، وتقديره : استقرّ لهن حق مثل الذي عليهن بالمعروف ، أي بالذي أمر الله في ذلك.
البلاغة :
(يَتَرَبَّصْنَ) خبر في معنى الأمر ، أي ليتربصن ، كما بيّنا. (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ) للتهييج والحثّ والبعث على الأمر. (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) فيه طباق بين لهن وعليهن ، وفيه إيجاز ، والمعنى : لهن على الرجال من الحقوق مثل الذي للرجال عليهن من الحقوق.
المفردات اللغوية :
(يَتَرَبَّصْنَ) ينتظرن ويصبرن. (قُرُوءٍ) جمع قرء ، ويطلق في كلام العرب على الطهر ، وعلى الحيض حقيقة ، فهو من ألفاظ الأضداد. وأصل القرء : الاجتماع ، وسمي الطهر قرءا لاجتماع الدم في البدن ، وسمي الحيض قرءا لاجتماع الدم في الرحم ، وقد يطلق القرء على الوقت ، لمجيء الشيء المعتاد مجيئه لوقت معلوم ، ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم. ولما كان الحيض معتادا مجيئه في وقت معلوم ، سمت العرب وقت مجيئه قرءا. وجاء القرء بمعنى الحيض في قولهصلىاللهعليهوسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : «دعي الصلاة أيام أقرائك» لذا قال الحنفية والحنابلة : المراد بالقرء الحيض ، وقال المالكية والشافعية : المراد به الطهر.
والاعتداد للمطلقات ثلاثة قروء مخصوص بالحرائر المدخول بهن ، أما غيرهن أي قبل الدخول ، فلا عدّة عليهن ، لقوله تعالى : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب ٣٣ / ٤٩] ، والقروء