كما قال صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم عن ابن عمر ـ : «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» والشريعة أجازته لدفع ضرر أشد ، وتحصيل مصلحة أكثر ، ولا يلجأ إليه إلا للضرورة القصوى ، والله شرع الطلاق مرتين متفرقتين في طهرين كما أرشدت إليه السنة ، لا مجتمعتين ، فإن شاء أمسك ، وإن شاء طلق وأمضى الطلاق. وفي هذا تيسير على الناس ، وبخاصة أنهم يقصدون غالبا بالطلاق التهديد والزجر ، لا الحقيقة والوقوع الفعلي ، ثم إن الفرقة تحدث بطلقة واحدة ، فيكون ما يتلوها مؤكدا لها.
٢ ـ الخلع :
نهى الله تعالى الأزواج أن يأخذوا شيئا من أزواجهم على وجه المضارّة ، إذا طلقوهن وكان مما آتوهن ، وخص بالذكر ما آتى الأزواج نساءهن ، لأن العرف بين الناس : أن يطلب الرجل عند وقوع النزاع ما قدم من صداق وجهاز.
ولكن إذا بذلت الزوجة الفدية على الطلاق ، جاز الأخذ في رأي الجمهور إذا كان النشوز من قبلها. وذهب بعضهم (داود الظاهري) إلى أن الذي يبيح أخذ الفداء هو خوف ألا يقيما حدود الله منهما جميعا ، لكراهة كل منهما صحبة الآخر. والظاهر الرأي الأول وهو أن نشوزها وسوء عشرتها لزوجها كاف في جواز أخذ الفداء ، وإن كان ظاهر الآية يؤيد رأي غير الجمهور.
وعليه ، فإن الخلع جائز عند أكثر الأئمة ، سواء أكان في حالة الخوف أم في غير حالة الخوف ، بدليل قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً ، فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء ٤ / ٤].
وذهب الجمهور : إلى أنه يجوز الخلع بأزيد مما أعطاها ، لأنه عقد معاوضة يوجب ألا يتقيد بمقدار معين ، لكن يكره عند الحنفية ، ولا يستحب عند غيرهم أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، لقصة امرأة ثابت بن قيس المتقدمة ، التي قال