إرضاعه إذا امتنعت. (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) أي بسببه بأن يكلّف فوق طاقته. وإضافة الولد إلى كلّ منهما في الموضعين للاستعطاف. والمضارّة : تقتضي المشاركة أي مشاركة كلّ من الوالدين للآخر في الضّرر. وهذا يدلّ على أن الإضرار بالآخر إضرار بنفسه ، وينعكس أثر المضارّة على الولد. (وَعَلَى الْوارِثِ) وارث الأب وهو الصّبي مثل ذلك ، أي على الولد في ماله للوالدة من الرزق (النفقة) والكسوة وعدم الإضرار بها مثل الذي على الأب للوالدة ، إن كان له مال ، أي إن نفقة إرضاعه تكون من ماله إن كان له مال ، وإلا فهي على عصبته. وقال بعضهم : إن المراد بالوارث : هو وارث الصبي الذي لو مات الصبي ورثه ، وهو قريبه إذا مات ، فتؤخذ النفقة ممن يرث الطفل إذا لم يكن له مال ، لو مات. واللفظ يحتمل المعنيين ، والأول : اختيار الطبري والزمخشري وغيرهما ، وهو معطوف على قوله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وما بينهما تفسير للمعروف ، معترض بين المعطوف والمعطوف عليه ، ويكون المعنى : وعلى وارث المولود له مثل ما وجب عليه من الرزق والكسوة ، أي إن مات المولود له ، لزم من يرثه أن يقوم مقامه في أن يرزقها ويكسوها بشرط المعروف وتجنّب الضّرار.
(فَإِنْ أَرادا) أي الوالدان. (فِصالاً) فطاما له قبل الحولين ، وسمّي بذلك ، لأنه يفصل الولد من أمه ، ويفصلها منه ، فيكون مستقلا في غذائه دونها. (عَنْ تَراضٍ) اتّفاق بينهما.
(وَتَشاوُرٍ) بينهما فيما يحقق مصلحة الصبي. والتشاور والمشاورة والمشورة : استخراج الرأي من المستشارين. (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي لا حرج. (أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) تتخذوا مراضع غير الوالدات. (ما آتَيْتُمْ) سلمتم إليهن ما أردتم إيتاءه لهنّ من الأجرة .. (بِالْمَعْرُوفِ) بالجميل كطيب النفس.
المناسبة :
لما ذكر الله أحكام النكاح والطلاق الذي يحصل به الفراق ، ذكر حكم ما كان من نتيجة النكاح ، لأن المطلّقات قد يكون لهنّ أولاد رضّع ، وربّما ضاعوا بين كراهة الأزواج وعنت المطلّقات ، فربما حرمتهم الرضاع انتقاما من الأبّ ، فأوصى الوالدات بالأولاد ، فجعل مدّة الرّضاع حولين كاملين إذا شاء الوالدان إتمام الرضاعة ، وألزم الآباء بكسوة الوالدات ونفقتهن مدّة الرّضاع بقدر سعتهم أو طاقتهم ، ونهى عن مضارّة أحد الوالدين بالآخر بسبب الولد ، فترفض الأمّ إرضاعه لتضرّ أباه بتربيته ، أو تبالغ في طلب النفقة والكسوة ، وينتزع الأبّ