أضواء من التاريخ على قصة طالوت وجالوت (١) :
ظل بنو إسرائيل بعد مجيئهم إلى فلسطين بعد موسى عليهالسلام من غير ملك ٣٥٦ سنة ، وتعرضوا في تلك الفترة لغزوات الأمم القريبة منهم كالعمالقة من العرب ، وأهل مدين وفلسطين والآراميين وغيرهم ، فمرة يغلبون وتارة يغلبون.
وفي أواسط المائة الرابعة أيام «عالي الكاهن» تحارب العبرانيون مع الفلسطينيين سكان أشدود قرب غزة ، فغلبهم الفلسطينيون ، وأخذوا تابوت العهد منهم ، وهو التابوت (الصندوق) الذي فيه التوراة أي الشريعة ، فعزّ عليهم ذلك ، لأنهم كانوا يستنصرون به.
وكان من قضاة بني إسرائيل نبي اسمه صمويل ، جاء إليه جماعة من أشرافهم وشيوخهم في بلدة الرامة ، وطلبوا منه تعيين ملك عليهم ، يقودهم إلى قتال أعدائهم الذين أذلوهم وقهروهم زمنا طويلا ، فلم يقتنع بمطلبهم لما يعلمه من تخاذل نفوسهم ، إن فرض عليهم القتال ، فأجابوه بأن دواعي القتال موجودة: وهي إخراج الأعداء لهم من أوطانهم وأسرهم أبناءهم.
فجعل عليهم طالوت ملكا ، واسمه في سفر صمويل : شاول بن قيس ، من سبط بنيامين ، وكان شابا جميلا عالما وأطول بني إسرائيل ، فرضي به جماعة ، ورفضه آخرون ، لأنه ليس من سلالة الملوك ، وهو راع فقير.
وحاول صمويل إقناعهم بكفاءة طالوت وجدارته للملك والسلطة ، وحسن الاختيار ، ورضا الله عنه ، وأن الدليل المادي على ملكه هو عودة التابوت الذي أخذه منهم الفلسطينيون إليهم ، وأن الملائكة تحمله إلى بيت طالوت تشريفا وتكريما له ، فرضوا به.
قام طالوت بتكوين الجيش وجمع الجنود لمحاربة الفلسطينيين (العمالقة)
__________________
(١) انظر قصص الأنبياء للأستاذ عبد الوهاب النجار : ص ٣٠٣ ، ط رابعة.