والأحوال التي كان عليها ، وإن كان من أهل الأوثان جانبهم وخالط أهل الإسلام ، وهكذا يظهر عكس ما كان عليه.
ودلت آية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وما بعدها على خلود الكفار في نار جهنم ، فهم خالدون في اللعنة ومستقرة فيهم أي في جزائها ، وأنهم مطرودون من رحمة الله ، وأن تعذيبهم دائم مستمر بدون انقطاع ولا تخفيف ، ولا إمهال أو إرجاء ، فهم لا ينظرون أي لا يؤخرون عن العذاب وقتا من الأوقات.
ولا خلاف في جواز لعن الكفار جملة من غير تعيين ، لما رواه مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول : «ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان» سواء أكانت لهم ذمة أم لم تكن ، وهو مباح غير واجب ، لجحدهم الحق وعداوتهم للدين وأهله. وكذلك كل من جاهر بالمعاصي كشرّاب الخمر وأكلة الرّبا ، والتشبّه من النساء بالرجال ومن الرجال بالنساء ، إلى غير ذلك مما ورد في الأحاديث لعنه.
وأما الكافر المعيّن ، فقال ابن العربي : والصحيح عندي جواز لعنه ، لظاهر حاله ، ولجواز قتله وقتاله (١). وقد روي أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهم إن عمرو بن العاص هجاني ، وقد علم أني لست بشاعر ، فالعنه واهجه عدد ما هجاني» فلعنه ، وإن كان الإيمان والدين والإسلام مآله. وقال جماعة من العلماء : لا يلعن الكافر المعين ، لأنا لا ندري بما يختم الله له. وأما الحديث الذي احتج به ابن العربي فهو ضعيف.
وليس لعن الكافر زجرا له عن الكفر ، بل هو جزاء على الكفر ، وإظهار قبح كفره ، سواء كان الكافر ميتا أو مجنونا. ومع هذا فإن الأولى عدم اللعن عموما ، لما يؤدي إليه من المقابلة أو المعاملة بالمثل ، وإثارة الخصام والاقتتال.
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٥٠