يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً ، سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ ، فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ ، فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ..) [الأعراف ٧ / ٥٧].
ومن أدلة قدرة الله ووحدانيته : توجيه الرياح وتصريفها على حسب الإرادة والمشيئة والنظام الحكيم ، تهب من مختلف الجهات الأربع ، ولأغراض مختلفة ، كتلقيح النّبات والأشجار ، كما قال تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [الحجر ١٥ / ٢٢] وقد تكون عقيما ، وقد تكون للعذاب: (.. رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها ، فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ ، كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) [الأحقاف ٤٦ / ٢٤ ـ ٢٥].
ومن مظاهر القدرة الإلهية تكاثف السحاب (الغيم) وتجمعه في الجو ، ثم تذليله وتفريقه لإنزال المطر في شتى البقاع ، على وفق نظام معين ، وحكمة بالغة ، وتقدير عجيب.
كل هذه الظواهر عبر ومواعظ لمن يعقل ويتدبر وينظر ، ليدرك الأسرار والعجائب ، ويستدل بما فيها من إتقان وإحكام على قدرة الخالق المبدع ، ووحدانية الإله المدبر ، ورحمة الله التي وسعت كل شيء ، وذلك من كمال الحكمة واكتمال الكون الدال على وجود الله ، وأنه إله واحد ، وإله كل شيء ، وخالق كل شيء ، وهذه الآية شبيهة بآية : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ، سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) [آل عمران ٣ / ١٩٠ ـ ١٩١] وقوله : (رَبَّنا) مدح المؤمنين الذين يتفكرون ويتعظون.
وقد ذم الله تعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره ، فقال: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها