واختلف العلماء في الانتفاع بدهن الميتة في غير الأكل ، كطلاء السفن ودبغ الجلود :
فقال الجمهور : يحرم ، للآية ، لأنهم يرون أن الفعل المقدر هو الانتفاع بأكل أو غيره، ولقوله صلىاللهعليهوسلم فيما رواه جابر : «قاتل الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم ، فباعوها وأكلوا أثمانها ، فنهاهم عن ذلك» وهذا يفيد أن إطلاق تحريم الميتة يفيد تحريم بيعها.
وقال عطاء : يدهن بشحوم الميتة ظهور السفن ، وحجته أن الآية في تحريم الأكل ، بدليل سابقها ، ولأن حديث شاة ميمونة يعارض حديث جابر : وهو أن النبي صلىاللهعليهوسلم مرّ على شاة ميمونة ، فقال : «هلا أخذتم إهابها» فيرجح ، لأنه موافق لظاهر التنزيل القرآني.
وأما جلد الميتة : فلا يطهر بالدباغ في ظاهر مذهب المالكية ، والمشهور عند الحنابلة ، لحديث عبد الله بن عكيم فيما رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن الأربع) قال : «كتب إلينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل وفاته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» وهو ناسخ لما قبله من الأحاديث ، لأنه في آخر عمر النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولفظه دال على سبق الترخيص ، وأنه متأخر عنه.
وذهب الحنفية والشافعية : إلى أن دباغ الجلود النجسة أو الميتة يطهرها كلها ، لقول النبيصلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم : «إذا دبغ الإهاب فقد طهر» ورواه النسائي والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس بلفظ : «أيما إهاب دبغ فقد طهر».
وأما أجزاء الميتة الصلبة التي لا دم فيها كالقرن والعظم والسن ومنه عاج الفيل والخف والحافر والظلف والشعر والصوف والعصب والإنفحة الصلبة : فهي طاهرة غير نجسة عند الجمهور ، وقال الشافعية : أجزاء الميتة كلها نجسة ، ومنها