وذكر الباجي في المنتقى أن المشهور من مذهب مالك : أن المضطر يجوز له الأكل في سفر المعصية ، ولا يجوز له الفطر والقصر ، لقوله تعالى : (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ).
وإذا وجد أكثر من نوع من المحرمات ، فما الذي يقدمه المضطر؟.
قال ابن العربي : الضابط لهذه الأحكام : أن المضطر إذا وجد ميتة ولحم خنزير ، قدم الميتة ، لأنها تحل حية ، والخنزير لا يحل ، والتحريم المخفف أولى أن يقتحم من التحريم المثقل. وإذا وجد ميتة وخمرا يأكل الميتة حلالا بيقين ، والخمر محتملة للنظر. وإذا وجد ميتة ومال الغير : فإن أمن الضرر في بدنه ، أكل مال الغير ، ولم يحل له أكل الميتة ، وإن لم يأمن ، أكل الميتة. والصحيح خلافا للشافعي : ألا يأكل الآدمي إلا إذا تحقق أن ذلك ينجيه ويحييه. وإذا وجد المحرم صيدا وميتة ، أكل الصيد ، لأن تحريمه مؤقت ، فهو أخف ، وتقبل الفدية في حال الاختيار ، ولا فدية لآكل الميتة (١).
كتمان أهل الكتاب ما أنزل الله
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦))
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٣٥ ، أحكام القرآن لابن العربي : ١ / ٥٤ ـ ٥٨ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٢٠٥ ، أحكام القرآن للجصاص : ١ / ١٢٦ ـ ١٣٠ ، نظرية الضرورة الشرعية للمؤلف.