وردا على من ألّهه ، وبيانا لمكانتها وتكريما لها.
وهو ذو وجاهة في الدنيا لما له من مكانة عند أتباعه والمؤمنين ، وفي الآخرة بين الناس ، ومن المقربين إلى الله يوم القيامة.
ويمتاز أيضا بأنه يكلم الناس وهو رضيع في المهد ، وفي حال الكهولة وتمام الرجولة ، كلاما متزنا معقولا. وهذا يشير إلى أنه سيكون رجلا سويا. قال ابن عباس : كان كلامه في المهد لحظة بما قصة الله علينا ، ثم لم يتكلم حتى بلغ أوان الكلام. وكانت العادة أن من تكلم في المهد لم يعش.
وهو كذلك من الصالحين الذين أنعم الله عليهم بالنبوة والاستقامة وصلاح الحال. ولما بشرت مريم بعيسى المتصف بما ذكر ، قالت متعجبة : كيف يكون لي ولد ، وليس لي زوج؟ فأجابها الله : مثل هذا الخلق المتعجب منه وهو خلق الولد بغير أب ، يخلق الله ما شاء ، فخلق السماء والأرض ، وخلق آدم من تراب بلا أب ولا أم ، وخلق جميع الموجودات في الأصل من غير سبب ظاهر.
وسبب التعبير في قصة زكريا وابنه يحيى بقوله تعالى : (كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) وفي قصة خلق عيسى بقوله : (كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) : هو أن إيجاد يحيى من شيخين عجوزين كإيجاد سائر الناس في العادة ، فعبر عنه بالفعل ، وأما إيجاد عيسى فهو من أم بلا أب ، خلافا للمعتاد في التوالد ، بل بمحض القدرة الإلهية ، وهو أبلغ من إيجاد يحيى ، فناسب التعبير عنه بالخلق والإيجاد والإبداع ، لكونه من غير سبب عادي.
ثم أعقبه بما يناسبه ويؤكده فقال : إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون ، والمراد بالأمر هنا الأمر التكويني ، لا الأمر التكليفي في مثل قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وهذا تبيان لعظمة الله ، ونفاذ أمره ومشيئته ، وسرعة إنجاز مطلوبه ، تقريبا للأذهان ، وإلا فالإيجاد أسرع مما هو قائم بين حرفي