(كُنْ). وهو يشبه قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ، فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ : ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا : أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت ٤١ / ١١].
وهناك خلق آخر أعظم من خلق عيسى وهو خلق آدم من غير أب ولا أم : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران ٣ / ٥٩].
فهذه الأحوال في الخلق على نحو غير عادي دليل على قدرة الله المطلقة ، وإرادة تكميل الكون بعجائب المخلوقات.
ومن أوصاف عيسى : أن الله يعلمه الكتابة والخط ، والعلم النافع الذي يبعث النفس إلى تنفيذ الفعل ويرشد إلى أسرار الأحكام ، ويعرفه التوراة التي أنزلت على موسى ، والإنجيل الذي أوحي إليه.
وأنه رسول مرسل إلى بني إسرائيل ، مؤيد بآيات تدل على صدق رسالته وهي :
١ ـ أنه يصور من الطين صورة على قدر معين كصورة الطير ، لا ينشئ ويخترع من الطين هيئة جديدة ، فينفخ فيه ، فيكون طيرا بقدرة الله ومشيئته ، لا بقدرته وأمره ، فإنه مخلوق لا يقدر على هذا.
روي أنهم طالبوه بخلق خفّاش ، فأخذ طينا وصوره ونفخ فيه ، فإذا هو يطير ، وهم ينظرونه ، فإذا غاب عن أعينهم ، سقط ميتا ، ليتميز فعل المخلوق من فعل الخالق وهو الله تعالى ، وليعلم أن الكمال لله. قال وهب : كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه ، فإذا غاب عن أعينهم ، سقط ميتا ، ليتميز من خلق الله.
٢ ، ٣ ـ ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله : وتخصيصهما بالذكر ؛ لأن مداواتهما أعيت الأطباء ، علما بأن الطب كان متقدما في زمن عيسى ، فأراهم