له. أما الجدال لمن علم وأيقن ، والاحتجاج للحقّ فهو جائز ، لقوله تعالى : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل ١٦ / ١٢٥] ، ومثاله : ما روي عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه أتاه رجل أنكر ولده فقال: يا رسول الله ، إن امرأتي ولدت غلاما أسود. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل لك من إبل؟ قال: نعم ، قال : ما ألوانها؟ قال : حمر ، قال : هل فيها من أورق (١)؟ قال : نعم. قال : «فمن أين ذلك؟» قال : لعل عرقا نزعه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وهذا الغلام لعل عرقا نزعه» ودلّت هذه الآية على وجوب المحاجّة في الدّين وإقامة الحجّة على المبطلين ، كما احتجّ الله تعالى على أهل الكتاب من اليهود والنصارى في أمر المسيح عليهالسلام ، وأبطل بها شبهتهم.
وإبراهيم كان على الحنيفية الإسلامية ، ولم يكن مشركا ولا يهوديا ولا نصرانيا ، وأحقّ الناس بإبراهيم ونصرته : هم الذين سلكوا طريقه ومنهاجه في عصره وبعده ، وكانوا حنفاء مسلمين مثله غير مشركين ، وأيضا هذا النّبي محمد صلىاللهعليهوسلم والذين آمنوا معه ، فإنهم أهل التوحيد. والله ولي المؤمنين ، أي ناصرهم. أخرج الترمذي عن ابن مسعود أن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن لكل نبيّ ولاة من النّبيين ، وإن وليي أبي وخليل ربّي ، ثم قرأ : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُ)».
محاولة بعض أهل الكتاب إضلال المسلمين
والتلاعب بالدين والعصبية الدينية
(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩)
__________________
(١) الأورق : الذي لونه بين السواد والغبرة.