فقه الحياة أو الأحكام :
أباحت الآية دفع صدقة التطوع لأي إنسان كان. أما الصدقة المفروضة (الزكاة) فلا يجزئ بالإجماع دفعها لكافر ، لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه الجماعة عن ابن عباس : «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم ، وأردّها في فقرائكم». وكذلك لا يجوز في رأي الجمهور دفع زكاة الفطر لكافر ؛ لأنها طهرة للصيام ، فلا تصرف إلى الكافر ، كصدقة الماشية والنقود ، وقد قال النّبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه الدار قطني وغيره عن ابن عمر : «أغنوهم عن سؤال هذا اليوم» يعني يوم الفطر ، لتشاغلهم بالعيد وصلاة العيد ، وهذا لا يتحقّق في المشركين.
وجوّز أبو حنيفة رضياللهعنه صرف صدقة الفطر إلى غير المسلم من أهل الذّمة ، أخذا بعموم الآية في البرّ وإطعام الطّعام وإطلاق الصدقات.
ودلّت آية : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) على أن ثمرة النفقة عائد في الواقع إلى المنفق ؛ لأنه سيجد جزاء أوفى على فعله ، وأكّد تعالى هذا المعنى في جملتين تاليتين وهما : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ، وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).
وأرشد قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) إلى أن النفقة المعتدّ بقبولها إنما هي ما كان ابتغاء وجه الله.
وأبانت آية : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا ..) صفات مستحقي النفقة وهم الفقراء ، وقد أوضحناها في التفسير المتقدّم. وأن من أدب السؤال عدم الإلحاح في المسألة.
والسؤال في الإسلام محرّم إلا لضرورة ، فلا يحلّ للقادر على الكسب بدليل قولهصلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو رضياللهعنه ـ : «لا تحلّ الصدقة لغني ، ولا لذي مرّة سوي». والمرّة : القوة ، والسّوي : سليم الأعضاء ، والمراد به القادر على الكسب.