وحدد مصير المتّقين وذكرهم بزوال الدنيا وما فيها من أموال ، ومضمون ذلك : اتّقوا واحذروا يوما عظيما ترجعون فيه إلى الله تعالى ، فيحاسبكم على ما عملتم ، ويجازيكم على ما كسبتم من خير أو شرّ ، فيثيبكم على الخير ويعاقبكم على الشّر ، ويجازى كل امرئ بما يستحق من خير أو شرّ ، ولا تظلمون فلا ينقص من ثوابكم شيئا ، ولا يزاد في عقوبتكم ، كقوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٤٧].
قال ابن جريج : إنّ آية (وَاتَّقُوا يَوْماً ...) نزلت قبل موت النّبي صلىاللهعليهوسلم بتسع ليال ، ثم لم ينزل بعدها شيء ، وقال ابن جبير ومقاتل : بسبع ليال ، وروي : بثلاث ليال ، أو بثلاث ساعات ، وقال عليه الصلاة والسلام : «اجعلوها بين آية الرّبا وآية الدّين».
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : «آخر ما نزل من القرآن كله : (وَاتَّقُوا يَوْماً ..) وعاش النّبي صلىاللهعليهوسلم بعد نزول هذه الآية تسع ليال ، ثم مات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول».
وروى النسائي وغيره عن عبد الله بن عباس قال : آخر شيء نزل من القرآن : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) فكان بين نزولها وموت النّبي صلىاللهعليهوسلم واحد وثلاثون يوما.
مراحل تحريم الرّبا :
حرّم الله الرّبا في القرآن كتحريم الخمر في أربعة مواضع ، وسار التّحريم في مراحل أربع ، الموضع الأول منها مكي ، والباقي مدني.
١ ـ ففي مكّة أنزل الله : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ ، فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) [الروم ٣٠ / ٣٩] ، وهذا يقابل آية الخمر المكيّة : (وَمِنْ ثَمَراتِ