بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فلم يأتوا ، فقال عزوجل : (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)».
قال الزّجاج : «في هذه الآية أعظم دلالة لنبوّة محمد نبينا صلىاللهعليهوسلم ، أخبرهم أنه ليس في كتابهم ، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة ، فأبوا ، يعني عرفوا أنه قال ذلك بالوحي».
الثاني ـ ما حرّمه الله في التّوراة على بني إسرائيل من الأطعمة كالشحوم وغيرها عقوبة لهم على معاصيهم ، كما قال تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء ٤ / ١٦٠] ، وقال : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) إلى قوله: (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ، وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [الأنعام ٦ / ١٤٦].
ويرى الكلبي : أنه لم يحرّم الله عزوجل لحوم الإبل في التوراة عليهم ، وإنما حرمه بعد التوراة بظلمهم وكفرهم ، وكان بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما ، حرم الله تعالى عليهم طعاما طيّبا ، أو صبّ عليهم رجزا وهو الموت ، فذلك قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ ...) وقوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا ...).
ودلّت الآيات صراحة على اتّفاق شريعة القرآن مع ملّة إبراهيم ، بل وملل الأنبياء قاطبة في الدّعوة إلى توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية ، ومحاربة الشرك والوثنية ، واتّباع الإسلام بالمعنى العام : وهو الخضوع والانقياد إلى الله تعالى في كلّ ما أمر به وما نهى عنه.
منزلة البيت الحرام وفرضية الحج
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧))