٤ ـ لا اطمئنان إلى نعيم الدنيا ولا إلى إعراضها وفقدها ، فالناس فيها في مرصد الاختبار والابتلاء في الأموال بالمصائب والأحداث ، والإنفاق في سبيل الله ، وسائر تكاليف الشرع ، وفي الأنفس بالموت والأمراض ، وفقد الأحباب.
وقد يتأذى المؤمن بطعن في قرآنه ودينه ونبيه ، فعليه الصبر والاعتصام بالتقوى ، والإعراض عن الطاعنين الكافرين ، والثبات على العقيدة ، وتحمل الشدائد والقتال في سبيل الله عند اللزوم ، فقد ندب الله عباده إلى الصبر والتقوى ، وأخبر أنه من عزم الأمور ، أي من معزوماتها التي ينبغي أن يعزمها كل أحد ، وهي دليل على قوة الإرادة ، ومضاء العزيمة ، وعلو الهمة. قال القرطبي : عزم الأمور : شدها وصلابتها.
والأظهر أن هذه الآية ـ كما ذكر القرطبي ـ ليست بمنسوخة ، فإن الجدال بالأحسن والمداراة أبدا ، مندوب إليها ، وكان عليه الصلاة والسلام مع الأمر بالقتال يوادع اليهود ويداريهم ، ويصفح عن المنافقين (١).
أخذ الميثاق على أهل الكتاب بالبيان للناس
ومحبتهم المدح بغير موجب
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (١٨٧) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٣٠٤