فأخذه أبو بكر فرده ، ثم التزمه من ورائه يسري عنه ، ويشفق عليه من كثرة التضرع والاستغاثة والابتهال : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال ٨ / ٩].
غزوة أحد :
اشتد غيظ المشركين بعد معركة بدر على المسلمين ، وبدأ أبو سفيان زعيم قريش يؤلب المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجمعوا الأموال ، وجهزوا جيشا نحو ثلاثة آلاف مقاتل ، فيهم سبعمائة دارع ، ومائتا فارس ، على رأسهم صفوان بن أمية.
فاستشار النبي صلىاللهعليهوسلم أصحابه ، فأشار الشيوخ ومعهم عبد الله بن أبي زعيم المنافقين ورأس اليهود في المدينة بالبقاء في المدينة والقتال في شوارعها ، وكان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يكره الخروج. وأشار الشباب بالحرب ، ومعهم رجال لم يشهدوا بدرا ، وقالوا : يا رسول الله ، اخرج بنا إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا.
وما زالوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى دخل بيته ولبس وتجهز ووافق الأغلبية رأي القائلين بالحرب ، ثم ندم الذين اقترحوا الخروج وقالوا : استكرهناك يا رسول الله! ولم يكن ذلك لنا ، فإن شئت فاقعد ، صلى الله عليك ، فقال : «ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته ـ درعه ـ أن يضعها حتى يقاتل».
فخرج في ألف أو إلا خمسين رجلا من أصحابه ، فيهم مائة دارع وفرسان فقط ، ونزل الشّعب من جبل أحد (على بعد نحو ٣ كم من شمال المدينة) يوم السبت سابع شوال في السنة الثالثة من الهجرة ، وجعل ظهره وعسكره إلى «أحد» وسوى صفوفهم ، وأجلس جيشا من الرماة وهم خمسون رجلا ، وأمرّ عليهم عبد الله بن جبير بسفح الجبل ، وقال : انضحوا عنا بالنبل ، لا يأتونا من