المناسبة :
لما أمر الله نبيه بتحريض المؤمنين على القتال ، بين هنا أنهم حين أطاعوك أصابهم خير كثير ، وأن لك من هذا الخير نصيبا تؤجر عليه ، لما بذلت في ترغيبهم بالجهاد من جهود. قال مجاهد : نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض.
التفسير والبيان :
من يسعى في أمر ، فيترتب عليه خير ، كان له نصيب منه بانتصار الحق على الباطل وما يتبعه من شرف وغنيمة في الدنيا ، وبما يحظى به من الثواب في الآخرة.
ومن يسعى في سيئة يكون عليه وزر مما ترتب على سعيه ونيته ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «اشفعوا ـ أي في الخير ـ تؤجروا ؛ ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء» (١).
فالشفاعة نوعان : حسنة وسيئة ، أما الشفاعة الحسنة : فهي التي روعي بها حق مسلم ، ودفع بها عنه شر ، أو جلب إليه خير ، وابتغي بها وجه الله ، ولم تؤخذ عليها رشوة ، وكانت في أمر جائز ، لا في حدّ من حدود الله ، ولا في حق من الحقوق. وقيل : الشفاعة الحسنة : هي الدعوة للمسلم ؛ لأنها في معنى الشفاعة إلى الله. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب ، استجيب له ، وقال له الملك : ولك مثل ذلك» (٢) فذلك النصيب. والدعوة على المسلم بضد ذلك.
__________________
(١) رواه الشيخان وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن أبي موسى.
(٢) رواه مسلم وأبو داود عن أبي الدرداء ، بلفظ : «من دعا لأخيه بظهر الغيب ، قال الملك الموكل به : آمين ، ولك بمثله».