الزمخشري (١) ، وقال السدي : الفتنة هاهنا الشرك ، أي كلما دعوا إلى الشرك تحولوا إليه أقبح تحول ، فهم قد مردوا على النفاق. حكى ابن جرير : أنها نزلت في قوم هم بنو أسد وغطفان ، وقيل : غيرهم.
وحكمهم أنه إن لم يعتزلوكم ، ويسالموكم ، ويقفوا على الحياد ، ويكفوا أيديهم عن القتال مع المشركين ، فخذوهم أسراء ، واقتلوهم حيث لقيتموهم ، وأولئكم جعلنا لكم عليهم حجة واضحة ، أو برهانا بيّنا واضحا على قتالهم ، لظهور عداوتهم.
وهذا كله تأكيد لحرص الإسلام على السلم والأمن والعهد والصلح ، قال الرازي : قال الأكثرون : وهذا يدل على أنهم إذا اعتزلوا قتالنا ، وطلبوا الصلح منا ، وكفوا أيديهم عن قتالنا ، لم يجز لنا قتالهم وقتلهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على أحكام كثيرة هي :
١ ـ وضوح موقف الإسلام من المنافقين : وهو الحكم عليهم بالكفر وجواز قتلهم ، فلا يصح الانقسام في الحكم عليهم فرقتين مختلفتين ، ما دامت أدلة كفرهم واضحة للعيان. والمنافقون الذين نزلت الآية في شأنهم : هم عبد الله بن أبي وأصحابه الذين خذلوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا ؛ كما تقدم في «آل عمران» وقال ابن عباس : هم قوم بمكة آمنوا وتركوا الهجرة. قال الضحاك : وقالوا : إن ظهر محمد فقد عرفنا ، وإن ظهر قومنا فهو أحب إلينا.
فصار المسلمون فيهم فئتين : قوم يتولّونهم ، وقوم يتبرءون منهم ؛ فقال الله عزوجل : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ)؟
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٤١٥ ـ ٤١٦