التفسير والبيان :
وإذا سرتم في الأرض وسافرتم فيها ، فليس عليكم تضييق ولا إثم في قصر الصلاة الرباعية ، إذا خفتم فتنة الكافرين لكم بالقتل أو الأسر أو غيرهما ، أو خفتم من قطاع الطريق ، وذلك بأن يتخذ أعداؤكم الاشتغال بالصلاة فرصة لتغلبهم عليكم ، فلا تمكنوهم من هذا ، بل اقصروا من الصلاة. ويصح أن يكون المراد : إن خفتم أن يفتنكم الكافرون في حال الركوع والسجود حيث لا ترون حركاتهم ، فصلوا راجلين أو راكبين. ثم أكد تعالى تحذيرنا من الأعداء فذكر : إن الكافرين لكم أعداء واضحة عداوتهم ، فهم ذوو عداوة بينة ، فاحذروهم أن يوقعوا بكم ، ويغلبوكم ، فلا تتركوا لهم فرصة لتحقيق أغراضهم.
وعملا بظاهر الآية : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) قال بعضهم : المراد هنا القصر في صلاة الخوف المذكور في الآية الأولى ، والمبيّن في الآية التي بعدها وفي سورة البقرة بقوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) [٢٣٩]. قال الشافعي : القصر في غير الخوف بالسّنة ، وأما في الخوف مع السفر فبالقرآن والسّنة ، ومن صلّى أربعا فلا شيء عليه ، ولا أحب لأحد أن يتم في السفر رغبة عن السّنة.
ورأى آخرون : أن قوله : (إِنْ خِفْتُمْ) خرج الكلام على الغالب ، إذ كان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار ؛ ولهذا قال يعلى بن أمية لعمر فيما رواه مسلم : ما لنا نقصر وقد أمنّا؟ قال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فقال : «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
ثم إن صلاة الخوف لا يعتبر فيها الشرطان ؛ فإنه لو لم يضرب في الأرض ولم يوجد السّفر ، بل جاءنا الكفار وغزونا في بلادنا ، فتجوز صلاة الخوف ، فلا يعتبر وجود الشّرطين.