ولما كان هذا التغيير من فعل الشيطان وأثره أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه أبو داود عن علي في الأضاحي ـ «أن نستشرف العين والأذن ، ولا نضحّي بعوراء ولا مقابلة ، ولا مدابرة ولا خرقاء ، ولا شرقاء» (١) فلم يجز مالك والشافعي وجماعة الفقهاء الأضحية بمقطوعة الأذن أو جلّ الأذن ، أو السكاء : وهي التي خلقت بلا أذن.
وأما خصاء البهائم فرخص فيه جماعة من العلماء إذا قصدت فيه المنفعة إما لسمن أو غيره ، وأجاز الجمهور أن يضحى بالخصي. وأما الخصاء في الآدمي فحرام ، لما فيه من ألم عظيم ربما يفضي بصاحبه إلى الهلاك ، وهو مثلة نهى عنها النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومؤد إلى قطع النسل المأمور به في
قوله عليهالسلام فيما رواه عبد الرزاق عن سعيد بن أبي هلال مرسلا : «تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة».
والوسم والإشعار في الحيوان من أجل تمييزها عن غيرها مستثنى من نهيه عليهالسلام عن شريطة الشيطان. والوسم : الكي بالنار ، ثبت في صحيح مسلم عن أنس قال : «رأيت في يد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم الميسم وهو يسم إبل الصدقة والفيء وغير ذلك ، حتى يعرف كل مال ، فيؤدى في حقه ، ولا يتجاوز به إلى غيره».
والوسم جائز في كل الأعضاء غير الوجه ؛ لأنه مقر الحسن والجمال ، ولأن به يقوّم الحيوان ، ولما روى مسلم عن جابر قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الضرب في الوجه ، وعن الوسم في الوجه».
ومن حالات التغيير الممنوعة حديث ابن مسعود المتقدم في الواشمة
__________________
(١) أن نستشرف : نتأمل سلامة العين والأذن من آفة تكون بهما ، وآفة العين : عورها ، وآفة الأذن : قطعها. والمقابلة : المقطوعة طرف الأذن ، والمدابرة : المقطوعة مؤخر الأذن ، والشرقاء : مشقوقة الأذن ، والخرقاء : التي تخرق أذنها السّمة.