فقه الحياة أو الأحكام :
الاستفتاء في الدّين أمر مطلوب شرعا ؛ لقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل ١٦ / ٤٣] ، والآية (١٢٧) نزلت للجواب عن الاستفتاء فيما يجب للنساء وما يجب عليهنّ مطلقا ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسأل عن أحكام كثيرة تتعلّق بالنّساء ، سواء في الميراث وغير ذلك.
والمراد بقوله : (ما كُتِبَ لَهُنَ) أي ما فرض لهنّ من الميراث أو الصّداق أو النّكاح وما يعم ذلك كله وغيره.
(وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) : معناه أنهم كانوا يسألون عن أحوال كثيرة ، فما كان منها غير مبيّن الحكم قبل نزول هذه الآية ، ذكر أن الله يفتيهم فيه. وما كان منها مبيّن الحكم في الآيات المتقدّمة مثل : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) (الآية ٣) أحالهم فيه إلى تلك الآيات ، وذكر أنها تفتيهم فيما عنه يسألون. وقد جعل دلالة الكتاب على الأحكام إفتاء من الكتاب ، إذ يصح القول : إن كتاب الله بيّن كذا ، وإن كتاب الله أفتى بكذا.
واحتجّ بعض الحنفية بقوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) على أنه يجوز لغير الأب والجدّ تزويج الصغيرة ؛ لأن الله ذكر الرغبة في نكاحها ، فاقتضى جوازه.
وقال الشافعية : إن الله ذكر في هذه الآية ما كانت تفعله الجاهلية على طريق الذّم ، فلا دلالة فيها على ذلك ، على أنه لا يلزم من الرغبة في نكاحهنّ فعله في حال الصّغر.
والخلاصة : إن الآية ترغّب في الإحسان ليتامى النساء بالميراث والصداق والنكاح وغير ذلك ، كما ترغب وتأمر بالإحسان إلى الولدان الضعفاء الصغار ،