لكم ، على أن لا أعدل فيكم ، فقالوا : بهذا قامت السموات والأرض.
الثاني ـ أداء الشهادة بالحق ولو على النفس أو الوالدين أو الأقربين ؛ لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه ، ولأنه أحق أن يتبع ، ولأن الاستعلاء على مصالح النفس ومراعاة حظوظها هو أمارة الإيمان الصحيح بالله ، ولأن بر الوالدين وصلة الأرحام والأقارب إنما يكونان ضمن دائرة الحق والمعروف ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
فالشهادة ينبغي أن تكون خالصة لله أي لذات الله ولوجهه ولمرضاته وثوابه ، فيقر الإنسان بالحق لأهله ، فذلك قيامه بالشهادة على نفسه ، وبهذا أدب الله عزوجل المؤمنين ، كما قال ابن عباس : أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم.
ولا حاجة لمراعاة غني أو فقير ، فالله وحده يتولى أمورهما ، وهو أولى بكل واحد منهما.
واتباع الهوى مرد أي مهلك ، قال الله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى ، فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [ص ٣٨ / ٢٦] فاتباع الهوى يحمل على الشهادة بغير الحق ، وعلى الجور في الحكم ، قال الشعبي : أخذ الله عزوجل على الحكّام ثلاثة أشياء : ألا يتبعوا الهوى ، وألا يخشوا الناس ويخشوه ، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا.
وإن التحريف في الشهادة والميل إلى أحد الخصمين ، وعدم قول الحق فيها ، والإعراض عن أداء الحق فيها ، والظلم في القضاء ، كل ذلك مدعاة إلى الجزاء والعقاب الشديد ، كما وضح من التهديد المذكور في ختام الآية : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي فمجازيكم بذلك. ولفظ الآية يعم القضاء والشهادة ، وكل إنسان مأمور بأن يعدل. وفي الحديث: «ليّ الواجد