وأما قدر الماء الذي يغتسل به : فروى مالك عن عائشة رضياللهعنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة. والفرق ثلاثة آصع ، والصاع ٢٧٥١ غم. وعن أنس قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتوضأ بالمدّ ، ويغتسل بالصاع (١) إلى خمسة أمداد ، والمد ٦٧٥ غم ، والصاع أربعة أمداد. وهذه الأحاديث تدل على استحباب تقليل الماء من غير كيل ولا وزن ، يأخذ منه الإنسان بقدر ما يكفي ، ولا يكثر منه ، فإن الإكثار منه سرف ، والسّرف مذموم.
٦ ـ إباحة التيمم لفقد الماء ، أو للمرض ، أو للسفر ، لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ..) [النساء ٤ / ٤٣] ويؤيده آية : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج ٢٢ / ٧٨] وآية : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء ٤ / ٢٩] وتيمم عمرو بن العاص لما خاف أن يهلك من شدة البرد ، ولم يأمره صلىاللهعليهوسلم بغسل ولا إعادة.
والمرض الذي يباح له التيمم على الصحيح من قول الشافعي : هو الذي يخاف فيه فوت الروح ، أو فوات بعض الأعضاء لو استعمل الماء ، أو خاف طول المرض.
والسفر المبيح للتيمم : هو الطويل أو القصير عند عدم الماء ، ولا يشترط أن يكون مما تقصر فيه الصلاة في رأي الجمهور. وقال قوم : لا يتيمم إلا في سفر تقصر فيه الصلاة.
وذهب المالكية وأبو حنيفة ومحمد إلى أن التيمم في الحضر والسفر جائز. وقال الشافعي : لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم إلا أن يخاف التلف. فإن عدم الماء في الحضر مع خوف فوات الوقت ، تيمم الصحيح والسقيم وصلّى ثم أعاد.
وقال أبو يوسف وزفر : لا يجوز التيمم في الحضر لا لمرض ولا لخوف الوقت.
__________________
(١) ويؤيده حديث مسلم عن سفينة : «أنه صلىاللهعليهوسلم كان يغسله الصاع ، ويوضئه المدّ».