لمقدّمات الحكمة دون الوضع ليس اتفاقيا ، وكذا دلالة بعض ما عدّ من ألفاظ العموم على ذلك بالوضع ، كالنكرة في سياق النفي والنهي ، على ما يظهر عند الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
بل لا إشكال في عموم المباحث المذكورة لما إذا استندت الدلالة على العموم لقرائن خارجية خاصة ، دون الوضع ومقدمات الحكمة ، من دون أن يجعل له عنوان يخصّه ، بل يطلق عليه عنوان العام عندهم في مقام البحث والاستدلال.
ومن هنا كان المناسب تعريف العام في محل الكلام بأنه : «ما دل على سريان الحكم في أفراد متعلّقه أو أحواله ، بحيث تتساوى فيه» مهما كان منشأ الدلالة.
وكثيرا ما جروا على ذلك في مقام الاستدلال والنظر في النسبة بين الأدلة وبيان حالها ، حيث يغافلون منشأ الدلالة على العموم عند إطلاق عنوان العام على الدليل.
نعم ، يخرج عن ذلك ما إذا كان الاستيعاب مأخوذا في مفهوم المتعلّق ، كالعشرة والشهر في قولنا : أضف عشرة رجال شهرا ، لوضوح أن نسبة الأجزاء له حينئذ ليست نسبة الفرد أو الحال للمتعلق ، بل نسبة الجزء للكل الذي به قوامه. ومجرد إمكان قصره عن بعضها بالاستثناء ـ كالعام بالإضافة للأفراد ـ لا يوجب عموم مفهوم العام له اصطلاحا بعد عدم شمول المهم من مباحث العموم والخصوص له.
أما الخاص فلا يراد به إلا «ما دلّ على حكم موافق أو مناف لحكم عام أوسع منه شمولا» سواء كان الموضوع فيه جزئيا أم كليا ، كقولنا : لا تكرم زيدا ، أو : لا تكرم النحويين ، بالإضافة لقولنا : أكرم العالم ، أو : كل عالم ، أو : أكرم عالما ، فهو عنوان إضافي ، حيث لا يصدق على الدليل عنوان الخاص في محل الكلام