الفصل الخامس
في عموم الحكم لغير المخاطبين
لا إشكال في عموم الأحكام التي تتضمنها الخطابات الشرعية لمن لم يوجد حين الخطاب ، فضلا عمن لم يحضر مجلسه من الموجودين حينه ، لما هو المعلوم من عموم الشريعة الإسلامية واستمرار أحكامها إلى يوم القيامة.
وإنما الإشكال في أن ذلك مقتضى ظهور الكلام نفسه ـ إما لعموم الخطاب به أو بدونه ـ أو مستفاد من أدلة اخرى تقتضي اشتراك الكل في الأحكام المذكورة ، كما يظهر من جملة من عباراتهم ، فقد تكرر في كلماتهم الاستدلال على العموم بالإجماع على الاشتراك.
ومن الظاهر أن محل الكلام هو الأحكام المستفادة من الأدلة اللفظية.
وأما ما يستفاد من الأدلة اللبية ، فعمومه تابع لعموم الموضوعات المأخوذة في تلك الأدلة ، إذ لا محذور في نهوض الدليل اللبي بإثبات الحكم لمن لم يوجد حين تحقق الدليل على نحو يكون حجة عليه بعد وجوده وصلوحه للتكليف ، لتمحض الدليل اللبي في الكشف ، ولا مانع من انكشاف الحكم المذكور بهذا النحو وإن لم يوجد صاحبه بعد.
إذا عرفت هذا فنقول : لا إشكال في ظهور الكلام في عموم الحكم لغير الموجودين إذا تضمن جعله على موضوعه بنحو القضية الحقيقية التي هي في قوة الشرطية من دون أن يتضمن جعل الموضوع طرفا للخطاب ، كما في قوله