الفصل السادس
في تعقيب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده
قد وقع الكلام بينهم في أن تعقب العام بضمير يرجع إلى بعض أفراده يمنع من البناء على عموم حكمه فيقتصر فيه على خصوص الأفراد المرادة بالضمير ، أو لا ، بل يبقى العام على عمومه.
والظاهر أن محل الكلام ما إذا كان حكم العام مباينا لحكم الضمير ، ليتجه احتمال التفكيك بينهما في العموم والخصوص ، دون ما لو كان الحكم واحدا ، كما في قولنا : أثم أعداء زيد بشتمهم له ، حيث لا إشكال ظاهرا في اختصاص حكم العام ، وهو الإثم بمن شتم زيدا ، دون غيرهم من أعدائه ، وإن أمكن إثمهم أيضا لا من جهة الشتم الذي هو حكم آخر لم يتضمنه العام.
إذا عرفت هذا ، فالظاهر التفصيل بين أن يكون اختصاص حكم الضمير ببعض الأفراد مقتضى قرينة متصلة ، وأن يكون مقتضى دليل منفصل.
فالأول : نحو قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(١) ، فإن الإيلاء وإن كان هو الحلف على ترك الوطء ، فلا يمنع من عموم النساء للمتمتع بها ، إلّا أن قوله : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) مختص بمن يشرع طلاقهن ، وهن الدائمات.
وفي مثل ذلك يتعين التوقف عن عموم حكم العام ، فلا يبنى على عموم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٦ ، ٢٢٧.