الانكار والمباهتة.
لكن ذلك لا يغير الحق عما هو عليه ولا يقوم بعذر في مقابل المرتكزات العقلية التي بها تقوم الحجة عند الله تعالى والناس.
ثانيا : أنه بعد صدور الممكنات منه تعالى من التكوينيات والتشريعيات ، فحيث يمتنع صدور الإرادة من غير داع ، وامتنع في حقه عزّ شأنه الداعي الفطري ـ كطلب النفع ودفع الضرر ، لاستلزامها الحاجة ـ وغيره من الدواعي غير العقلية المتقدمة ـ لاستلزامها النقص ـ فضلا عن الدواعي غير العقلائية ـ لاستلزامها العبث المنزه عنه تعالى ـ يلزم البناء على ثبوت الداعي العقلي ـ الراجع لحسن النظام الأكمل التكويني والتشريعي المعلوم له جل شأنه في رتبة سابقة على تعلق إرادته تعالى به ، لا أن حسنه تابع لإرادته.
غاية الأمر أنا لا نعلم تفاصيل النظامين المذكورين وجهات حسنهما ، وهو لا ينافي ثبوت الحسن المذكور واقعا والعلم به إجمالا بسبب العلم بجريان الإرادة التكوينية والتشريعية على طبقه ، خلافا لما عليه الأشاعرة.
هذا وقد احتج الأشاعرة على منع الحسن والقبح في الأشياء مع قطع النظر عن حكم الشارع بوجوه ..
أحدها : أن الأشياء المدعى لها الحسن والقبح تختلف بالوجوه والاعتبارات ، حيث قد يكون الصدق مثلا قبيحا ، كما لو ترتبت عليه مفسدة مهمة ، والكذب حسنا ، كما لو اندفعت به مفسدة مهمة ، وكذا غيرهما.
ويظهر الجواب عنه مما تقدم من أن الاختلاف إنما يكون في داعوية الحسن والقبح بسبب المزاحمة وعدمها ، لا في أصل ثبوتهما.
ولو سلم فهو إنما يمنع من كون الامور المذكورة عللا تامة للحسن والقبح ، لا من ثبوتهما لها في الجملة ولو عند عدم المزاحم ، لأنها من سنخ المقتضي لأحدهما بذاتها مع قطع النظر عن حكم الشارع الأقدس.