المبحث الثاني
في ملازمة حكم الشرع لحكم العقل
لعل المعروف بين أصحابنا ثبوت الملازمة المذكورة ولذا تكرر في كلماتهم الاستدلال على حرمة بعض الامور شرعا بالأدلة الأربعة ، لابتناء الاستدلال بحكم العقل عليها على إدراك قبحها ، وهو إنما يقتضي حكم الشارع بحرمتها بضميمة الملازمة المذكورة.
وربما ابتنى عليها عدهم للأدلة أربعة ، وأرادوا برابعها حكم العقل ، وإن اختلفوا في تعيينه.
وكيف كان ، فقد استدل عليها بوجوه تعرض لجملة منها في الفصول وأطال الكلام فيها ، ولعل أمتنها ما جعله ثالث الوجوه ، وإليه يرجع ما اعتمده بعض المعاصرين في اصوله ، وذكره بقوله : «فإن العقل إذا حكم بحسن شيء أو قبحه ـ أي أنه إذا تطابقت آراء العقلاء جميعا بما هم عقلاء على حسن شيء ، لما فيه من حفظ النظام وبقاء النوع ، أو على قبحه ، لما فيه من الإخلال بذلك ـ فإن الحكم هذا يكون بادي رأي الجميع ، فلا بد أن يحكم الشارع بحكمهم ، لأنه منهم ، بل رئيسهم ، فهو بما هو عاقل ـ بل خالق العقل ـ كسائر العقلاء لا بد أن يحكم بما يحكمون ، ولو فرضنا أنه لم يشاركهم في حكمهم لما كان ذلك الحكم بادي رأي الجميع ، وهذا خلاف الفرض».
ومقتضاه كون الملازمة في المقام من صغريات الملازمة بين الكل والجزء ، نظير الملازمة بين الإجماع المصطلح بين الأصحاب وقول الإمام عليه السّلام.
وفيه : أن محل الكلام ليس هو إدراك الشارع حسن الشيء أو قبحه