وأما الإجماع على عدم الإجزاء مع العلم الوجداني بالخطإ ، المستلزم لعدم الإجزاء الواقعي ، فلا مجال للتعويل عليه بعد ظهور ذهاب جماعة للإجزاء في صورة اختلاف الاجتهاد. لما عرفت من أن حمله على الإجزاء الظاهري لا يناسب المرتكزات جدا ، مع استلزامه حدوث علم إجمالي منجز يقتضي وجوب الاحتياط الذي ليس بناؤهم عليه ، حيث يناسب ذلك إرادتهم الإجزاء الواقعي.
وإلا كانت مبانيهم مضطربة ، ومع ذلك لا مجال للتعويل على دعوى الإجماع المذكورة والتوقف لأجلها عن السيرة التي سبق تقريبها.
هذا ، وبقي في المقام بعض الجهات تخص الاجتهاد لا مجال لإطالة الكلام فيها هنا ، بل توكل لمبحث الاجتهاد والتقليد من الاصول أو الفقه.
الرابع : الأمر الظاهري كما لا يقتضي الإجزاء في حق المخاطب به ثبوتا مع مخالفته للواقع ، وإثباتا مع ظهور خطئه له ، كذلك لا يقتضي الإجزاء في حق غيره ممن يترتب الأثر في حقه على عمل المخاطب بالحكم الظاهري ، فلا يترتب الأثر في حق ذلك الغير ثبوتا مع خطأ الحكم الظاهري الذي اعتمد عليه المخاطب به ، كما لا يجوز له ترتيب الأثر ظاهرا مع ظهور الخطأ له ولو بمقتضى التعبد الظاهري الثابت في حق نفسه ، فمن صلى متعبدا ظاهرا بالطهارة ـ مثلا ـ لا يجوز الائتمام به لمن يرى خطأ التعبد المذكور وإن لم يستند في البناء على الخطأ للعلم الوجداني ، بل لتعبد آخر ثابت في حقه ، عملا بعموم حجية ذلك التعبد ، لأن المدار في عمل كل شخص التعبد الثابت في حقه ، لا الثابت في حق غيره.
نعم ، لو كان موضوع جواز الائتمام بالمصلي صحة صلاته ولو ظاهرا في حقه ـ ولو مع بطلانها في حق المؤتم به ـ اتجه الائتمام به في الفرض ، لثبوت الموضوع له ، وهو تابع لدليل الحكم المذكور ، ولسنا بصدد تحقيق ذلك هنا.